(أكثرهن بركة)
بقلم/د. هبة أحمد سلامة
تشرق
السعادة في البيوت وتتفتح أزهارها إذا طرق باب البيت خاطبًا يُبدي رغبته في الزواج
من كريمتهم فيسألون عنه الصاحب والجار والقريب والبعيد وبعد ذلك يعطونها له بماء العيون
حتى تكون أساس بيته وعماد أركانه ومدير حساباته السكَّنُ الذي يأوي إليه فيجد دفء
قلبه بعد عناء يومه فلا يلتفت على أيّ أريكة يجلس ولا على أي نوع من السجاد يمشي
ولا بأي نوع من الأطباق والملاعق يأكل يكفيه وُدُها وكلماتها العُرُوبُ الجميلة
تمر الأيام وتتعاقب السنون وهذه البيوت ساكنة مطمئنة فتغتني إن أراد الله لها
الغنى أو تبقى على فقرها فلا يوجعها ألم الفقر فقد مَلأ الحب والود جنبات هذا
البيت .
وعند
المقارنة بين هذا الخيال الذي نسمع عنه وهذا الواقع المؤلم الذي نعيشه هذا الواقع
الذي فيه قدر المرأة بقدر ما يُدفع فيها أو ماضي جميل تمُهر فيه المرأة بمهر مثلها
أو على قدر إعسار أو إيسار زوجها ،
ونفر
من هذا التخبط بين ماضي حلو وحاضر مر لنتحدث عن رسول الله (صلى الله عليه
وسلم)
وعن
أول باب طرقه خاطبًا لأولى زوجاته أمُنا خديجة أكمل نساء عصرها
كيف
كانت الخطبة؟ وكيف كان العرض؟ وكيف كان القبول ؟وكم كان مهرها ؟
نجد
ذلك منقولًا في كتب السير
فقد
خطب أبو طالب خطبة النكاح فقال:
الحمد
لله الذي جعلنا من ذريّة إبراهيم , و زرع إسماعيل , و جعل لنا بلدًا حرامًا و
بيتًا محجوجًا , و جعلنا الحكاّمَ على الناّس , ثمّ إنّ محمّدَ بنّ عبدِ الله من
لا يوزن به فتى من قريش إلا رجح عليه برًّا و فضلًا و كرمًا و عقلًا و إن كان في
المال قلٌّ , فإنّ المال ظلٌّ زائلٌ , و عارية مسترجعة , و له في خديجة بنتِ
خويلدِ رغبة , و لها فيه مثل ذلك و ما أحببتم من الصداق فعَلَيَّ .
وردوا
عليه بخطبة فيها القبول
،وكان
مهر أمنا خديجة اثنتي عشرة أوقية من الذهب وقيل اثنتي عشرة بكرة من الإبل تكفل بها
أبو طالب ودفعها عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم )فقد كان فقيرًا ولم يكن
يملك ما يمهر به خديجة( رضى الله عنها وأرضاها)وفي نفس الوقت كانت السيدة خديجة في
غنًا عن هذا المهر
ولم
يكن فقر النبي وقلة ذات يده مانعًا من العمل فقد كان يحُسن من الأعمال ما يغنيه
كرعي الغنم والتجارة .
وتم
الزواج وعاشت خديجة في كنفه (صلى الله عليه وسلم)وعاش هو في كنفها ورعايتها
واهتمامها فأحبته أعظم حب فكانت تسارع في هواه فما مال إلى شيء إلا بادرت إليه ومن
أقل ما يذكر لها في ذلك أنها وهبت له زيد بن حارثة عندما رأت حبه له كانت (رضي
الله عنها) له مالا يُنفق ،وعمرًا يُفنى في وده، أم أولاده، راعية بيته كانت
بسمة تملأ حياته ، تخفف عنه أذى قومه وجفائهم ؛ ولذلك أحبها رسول الله (صلى
الله عليه وسلم ) حبًا ليس له نظير وظل وفيًا لها يذكرها في كل وقت وحين .
فقال
مادحًا لها:
(أنّي
رزقتُ حبها ).

تعليقات
إرسال تعليق