جمادات تذكُر وأُناس تغفُل







بقلم /هدى الشاذلي

واعظة منطقة وعظ الغربية


عند الحديث عن التغيرات المناخية وأثرها على البيئة ومع القراءة والاطلاع توقفت كثيرًا عند معنى البيئة من منظور الشرع ، في القرآن والسنة ولِم كل هذا الاهتمام بها فالماء والهواء والأرض والجبال وغيرها جمادات وإذ بي أتوقف طويلا أمام آيات الذكر الحكيم التي تقول لا هى ليست جمادات بل كلها تسبح بحمد ربها وهنا بدأت أجمع الآيات الدالة على هذا المعنى وتفسيرها وشروحها وأترك موضوع المناخ جانبًا حتى أتأمل في عظمة الخالق وبديع خلقه 

ومن هذه الآيات على سبيل المثال :قال تعالى: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا)«سورة الإسراء: الآية 44»

ويقول عز وجل : ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ )ويقول سبحانه وتعالى: ( سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) ويقول سبحانه وتعالى: ( يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ)فالآيات تُفيد العموم بلا استثناء فكل ما في كونه من مخلوقاته حتى الجمادات تعلم خالقها وتسبحه وتذكره سبحانه، وقال النخعي وغيره في تفسير ذلك :" هو عام فيما فيه روح، وفيما لا روح فيه، حتى صرير الباب"وكان عكرمة يقول : " لا يَعِيبنّ أحدكم دابته ولا ثوبه، فإن كل شيء يسبح بحمده "وقد يقول قائل كيف يكون هذا التسبيح وبأى لغة ؟

قال ابن كثير رحمه الله :وقول الله تبارك وتعالى: ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ) أي: وما من شيء من المخلوقات إلا يسبح بحمد الله ( وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ) أي: لا تفقهون تسبيحهم أيها الناس؛ لأنها بخلاف لغتكم. وهذا عام في الحيوانات والنبات والجماد ، كما ثبت في صحيح البخاري، عن ابن مسعود أنه قال: كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يُؤكل 
وقال البغوي رحمه الله :“ومذهب أهل السنة والجماعة أن لله تعالى علما في الجمادات وسائر الحيوانات سوى العقل، لا يقف عليه غيره، فلها صلاة وتسبيح وخشية كما قال جل ذكره: ( وإن من شيء إلا يسبح بحمده ) وقال: ( والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه ) وقال: ( ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر ) الآية، فيجب على المؤمن الإيمان به ويكل علمه إلى الله سبحانه وتعالى

وقال القرطبي رحمه الله :” ذلك تسبيح مقال على الصحيح من الأقوال ''كما أنه توجد آيات تذكر مخلوقات بعينها تسبح ربها وربما جاءت من باب ذكر الخاص بعد العام ، وربما لأن لتسبيحها قوة حيث نسمعها كقوله تعالى:( ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته "وعندئذ نقول ( سبحان الذي سبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته) وبتتبع السنة النبوية وكيفية تعامل النبي ﷺ مع ماحوله من مخلوقات اتضح مدى احترامه لمخلوقات الله وإحساسه بها وتعامله معها كأنها كائنات حية فيحتضن الجذع الذي يئن ويُسمع صوته كبكاء الطفل ، فعن ابن عباس أن النبي - ﷺ - كان يخطب إلى جذع قبل أن يتخذ المنبر، فلما اتخذ تحول فحن الجذع، فاحتضنه فسكن . فقال : لو لم أحتضنه لحن إلى يوم القيامة "

وحديثه ﷺ عن جبل أُحُد كأنه شخص،( إن أُحُدا جبل يحبنا ونحبه ) رواه مسلم، ولما صعد عليه ﷺ وأبو بكر وعمر وعثمان، فرجف بهم، فقال: " اثبُت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان" فسمعه وسكن وغير ذلك الكثير من سيرته ومواقفه ﷺ مع الجمادات من حوله، وتحذيره من قطع الشجر ، وترغيبه في حفر الآبار والأنهار وزرع الفسيلة حتى لو قامت الساعة؛ لأنه يعلم أن جميعها تسبح بحمد ربها ، إلا هو نعم الإنسان العاقل الناطق المفكر الوحيد في هذا الكون وكل ما في الكون سُخر له إلا أنه هو الغافل الوحيد عن ذكر ربه .

وللحديث بقية عن غفلة الإنسان والجزء الثاني

أناس تغفل ….










































































تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بالأسماء تعرف على أوئل الشهادة الإبتدائية والإعدادية الأزهرية بالغربية

نموذج محاكاة الحياة النيابية والتشريعية فاعلية تثقيفية لطلاب أمانة وجه بحري بجامعة الأزهر

الغربية الأزهرية تشارك في فعاليات معرض الكتاب بفريق إنشاد ديني متميز