ا.د ابراهيم درويش :العلم زينة العقل ..وبالعلم ترقى الامم.
لقد كرم الله الانسان ووهب له عقلاً ، ميزهُ به عن سائر خلقه ، ولكل شيئ غذاء والعقل غذاؤه العلم..فالانسان ولد لايعلم شيئا
يقول تعالى (وَٱللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّنۢ بُطُونِ أُمَّهَٰتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْـًٔا وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلْأَبْصَٰرَ وَٱلْأَفْـِٔدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) لذا يكتسب العلم بالتعلم .. وقدر الامم يرتفع بقدر اهتمامها بالعلم..
والعقل هو المكينة او الالة التى تحلل المعلومات (والمعلومات هى قدر ما جمع من علم ) والماكينة بدون معلومات لاتساوى شيئا وعلى قدر المعلومات تكون النتائج ... لذا قيل ان العلم هو زينة العقل .. فعقل بلا علم ..عقل اجوف فارغ ولولا العلم ما كان للعقل قيمة، ولصار الإنسان كالبهيمة...ومن جميل ماقيل فى ذلك
علم العليم وعقل العاقل اختلفا .. ..
من ذا الذي منهما قد أحرز الشرفا
فالعلم قال أنا أحرزت غايتـــه .. ..
والعــقل قال أنا الرحمن بي عرفا
فأومــأ العلــم إيمــاءً وقال لـه .. ..
بأيـنا الرحمن في القرآن قد وصفا
فأدرك العقل أن العــلم ســيده .. ..
فقبل العقـل رأس الــعـلم وانصرفا
حاجة الانسان للعلم
--------------------------
العلم نور يستضيء به العبد فى حياته وله أهمية بالغة في حياة الفرد والمجتمع ، فهو ركيزة أساسية في تقدم الأمم والحضارات ، فما سادت أمةٌ على أخرى إلا بالعلم .
والعلم مفتاحٌ لكلِّ خير فهو السبيل الذي يُتوصّل به العبد الى ان يكون على بصيرة من امره فى كل شؤون حياته ،بداية من عبادته لربه وعلاقته بخلقه ، كما يتعرف به على مرادات الله في كتابه الكريم، وسنّة رسوله ﷺ، وبالعلم يُعرف الحقُّ من الباطل ، وبه تُحاربُ الأفكار الهدّامة والدعواتُ المضلّلة والأنشطة المنحرفة .
ويصقلُ العلمُ شخصية الفرد ويعززُ ثقته بنفسه ، ويرفع قدره فى الدنيا والاخرة يقول تعالى : ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات )،
العلم والتنمية الشاملة
-----------------------
العلم هو ركيزة التنمية الشاملة والتطور فى كل مجالات الحياة وبناء الأوطان، وتقدم البلدان، وعليه مدار سعادة وفلاح الإنسان..وبالعلم نصنع ما نلبس، ونزرع ما نأكل، وننتج علاجنا ودواءنا، كذلك به نصنع سلاحنا الذي نقاتل به عدونا، وندفع به عن أنفسنا....وبالعلم نصل الى اعلى درجات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعى الذى يوفر رفاهية الانسان ..
وهناك علاقة طردية بين العلم والتنمية فعندما ننظر الى الدول التي تسيطر على العالم الان وتتحكم فيه نجد انها تسيطر عليه بالعلم والتكنولوجيا والتقدم
نجد ان ميزانية التعليم والبحث العلمى في هذه الدول كبيرة بالمقارنة بباقى الدول...
وباقى العالم يعيش على ما تنتجه او تصنعه او تسمح به الدول المتقدمة.
انواع العلوم واهميتها
---------------------------
كل العلوم مهمة طالما تؤدى نفعا للبشرية ..لان بعض الناس ضيقة الافق تتصور ان المقصودُ بالعلمِ هو العلمَ الشرعي الديني فقط، وهذا تفكير قاصر. وإنما يقصد بالعلم هو كلُّ علمٍ نافعٍ مفيدٍ يسهمُ في التقدمِ الحضاري والإثراءِ المعرفي، ويقوي ويعزز قدرةَ المجتمع سواء كان من العلوم الدينية أو العلوم المادية التجريبية كالطب والهندسة والزراعة والاقتصاد والتجارة، أو العلوم الإنسانية والاجتماعية او العلوم العسكرية وعلوم الفضاء والاتصالات الخ ..
وتدهور التعليم وضعف البحث العلمى يؤدي إلى تفشى الجهل ، وانتشار الشائعات ، وتخلف الأوطان، وفساد البلدان؛ كما قيل:
العلم يرفع بيتا لا عماد له .. .. والجهل يهدم بيت العز والشرف
كن متعلما ولاتكن جاهلا
-----------------------------
لان الفرق كبير بين العلم والجهل كالفرق بين السماء والارض ..
فلقد شرف الله العلم وأهلهُ ، وجعل العلماء ورثة الأنبياء ومنارةً يُهتدى بهم ، وأكرمهم بالسمو والتَمكين ،
إذ قال تعالى : " قُل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون " . وقال معاذ بن جبل رضى الله تعالى عنه فى الترغيب فى التعلم : "تعلموا العلم، فإن تعلُّمَه لله خشية، وطلبه عبادة، ومدارستَه تسبيح، والبحثَ عنه جهاده، وتعليمَه لمن لا يعلمه صدقةٌ، وبذلَه لأهله قُربة، وهو الأنيس في الوحشة، والصاحب في الخلوة.
والعالم قدره وقيمته في ذاته أما صاحب المال فقيمته في ماله. والغني يدعو الناس بماله إلي الدنيا والعالم يدعو الناس بعلمه إلي الآخرة. وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لكميل بن زياد: "يا كميل.. العلم أشرف من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، المال تنقصه النفقة والعلم يزكو بالإنفاق، العلم حاكم والمال محكوم عليه".
العلم وعصر الماديات
-----------------------؛
يعتقد الكثيرون فى عصر المادة ان المال افضل من العلم ...ولذلك فقد معظم الشباب القدوة السليمة وانحرفت بوصلتهم تجاه .بعض الفنانين او بعض لاعبيى الكره واصحاب الاعمال المشبوهة
لكن الحقيقة التى يؤكدها الواقع. أن العلم ...هو المطلوب فى أوقات الشدائد وانتشار الامراض ..وتفاقم الصراعات ..وحروب الجيل الرابع والخامس ..لذلك الدول التى تمتلك العلم والتكنولوجيا تشترى منا المواد الخام بابخث الاثمان و تصدر لنا منتجاتها بعد اعادة تصنيعها باغلى الاثمان اذا العلم الحقيقى هو من يأتى بالمال....
وعندما تملك المال بلاعلم .سيذهب هذا المال هباءا منثورا ..فى اسرع وقت ممكن .
.وقد ذكر ابن القيم – رحمه الله تعالى فى تفضيل العلم على المال أن العلم ميراث الأنبياء ،والمال ميراث الملوك والأغنياء، والعلم يحرس صاحبه وصاحب المال يحرس ماله.،.والعلم يزداد بالبذل والعطاء، والمال تذهبه النفقات عدا الصدقة. ،والعلم يرافق صاحبه حتى في قبره، والمال يفارقه بعد موته، إلا ما كان من صدقة جارية.،
والعالم يحتاج إليه الملوك ومن دونهم وصاحب المال يحتاج إليه أهل العدم والفاقة والحاجة.
وصاحب المال قد يصبح معدماً فقيراً بين عشية أو ضحاها، اما صاحب العلم لا يخشى عليه الفناء إلا بتفريط صاحبه.
والمال يدعو الإنسان للدنيا والعلم يدعو صاحبه لعبادة ربه. ،وسعادة العلم دائمة وسعادة المال زائلة... والمال قد يكون سبباً في هلاك صاحبه فكم أختطف من الأغنياء بسبب مالهم !!، أما العلم ففيه حياةٌ لصاحبه حتى بعد موته فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله ﷺ قال: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له"
الشعب المصرى والتعليم
-----------------------------------
الشعب المصرى يهتم بالتعليم ويبذل كل مايملك فى سبيل تعليم اولاده ولو على حساب نفسه واحتياجاته وقوت يومه وصحته لانهم يعتبرون العلمُ سلاح للاولاد ضد الزمن يُنيرُ لهم دُورب الحياة
موقنين بقول الشاعر
ما الفضل إلا لأهل العلم إنهم
على الهدى لمن استهدى أدلاء
وقدر كل امرئ ما كان يحسنه
والجاهلون لأهل العلم أعداء
ففــز بعــلم تعــش حـيا به أبدا.
الناس موتى وأهل العلم أحياء....
ومؤمنين بقول الحق سبحانه : {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}[الزمر:9]. ويقول تعالى ايضا: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر:28].
اهتمام الاسلام بالعلم..
----------------------------
لايسع المجال لذكر كل ماجاء به الإسلام للدعوة للعلم والتعليم وتكريم العلماء ..
فأول ما أنزل الله من كلامه وكتابه (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ..خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ ... اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ... الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ... عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ) ورغب فى الزيادة بالعلم يقول تعالى ( وقل رب زدنى علما )-وجعل الاسلام طلب العلم فريضة لأنه لا عمل بلا علم، و قال رسول الله ﷺ، :" من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله به طريقاً إلي الجنة "..
وعن أبي الدرداء قال ﷺ، (إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء هم ورثة الأنبياء)وقال ﷺ : (وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر)
اللهم إنا نسالك علما نافعا وقلبا خاشعا ولسانا ذاكرا شاكرا وعملا صالحا متقبلا ويقينا صادقا ورزقا طيبا ...اللهم آمين

تعليقات
إرسال تعليق