التربية وحدها لا تكفي
بقلم الواعظة: إسراء أحمد إسماعيل
وعظ القاهرة
تربية الأبناء على قائمة أولويات تفكير الوالدين، وقبل التربية يأتي الدعاء للابن والذي هو نهج الأنبياء، فقد دعا إبراهيم -عليه السلام- لذريته، قال تعالى: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ). (إبراهيم: 40).
وقد دعا زكريا -عليه السلام- قائلًا: (رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ) (آل عمران: 38).
ودائمًا يأتي جواب الله -عز وجل- عقب الدعاء مباشرة، ونراه واضحًا في كتاب الله تعالى، فلما قال إبراهيم -عليه السلام-: (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ)، تبعه قول الله تعالى: (فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ) (الصافات: 100، 101).
ولما قال نوح -عليه السلام-: (أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ) تبعه قول الله تعالى: { فَفَتَحْنَآ أَبْوٰبَ السَّمَآءِ بِمَآءٍ مُّنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَآءُ عَلٰىٓ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) وَحَمَلْنٰهُ عَلٰى ذَاتِ أَلْوٰحٍ وَدُسُرٍ (13) تَجْرِى بِأَعْيُنِنَا جَزَآءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ (14)} (القمر: 11 – 14)
ولما نادى يونس -عليه السلام- في بطن الحوت: {لَّآ إِلٰهَ إِلَّآ أَنتَ سُبْحٰنَكَ إِنِّى كُنتُ مِنَ الظّٰلِمِينَ } تبعه قول الله تعالى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُۥ وَنَجَّيْنٰهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذٰلِكَ نُۨجِى الْمُؤْمِنِينَ} (الأنبياء: 87، 88)
ولما دعا زكريا -عليه السلام- قائلًا: {وَزَكَرِيَّآ إِذْ نَادٰى رَبَّهُۥ رَبِّ لَا تَذَرْنِى فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوٰرِثِينَ } تبعه قول الله تعالى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُۥ وَوَهَبْنَا لَهُۥ يَحْيٰى وَأَصْلَحْنَا لَهُۥ زَوْجَهُۥٓ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسٰرِعُونَ فِى الْخَيْرٰتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خٰشِعِينَ} (الأنبياء: 89، 90)
ولما دعا أيوب -عليه السلام- قائلًا: {أَنِّى مَسَّنِىَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرّٰحِمِينَ} تبعه قول الله تعالى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُۥ فَكَشَفْنَا مَا بِهِۦ مِن ضُرٍّ ۖ وَءَاتَيْنٰهُ أَهْلَهُۥ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرٰى لِلْعٰبِدِينَ} (الأنبياء: 83، 84)
ولكنْ قبل أن تدعي لأبنائك لا بد أن تكون أيها الوالد على قدر من الصلاح يؤهلك أيها الوالد للدعاء للأبناء وتربيتهم؛ هذا القدر من الصلاح هو الذي حفظ الله به الكنز للغلامين في قصة الخضر لما أتيا القرية: (فَوَجَدَا فِیهَا جِدَارًا یُرِیدُ أَن یَنقَضَّ فَأَقَامَهُۥۖ ) فأخبر موسى بأمر الجدار وأنه كان لغلامين يتيمين في المدينة: (وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا) (الكهف: 82)
هذا القدر من الصلاح هو الذي نبَّهنا الله -عز وجل- إليه في قوله تعالى: (وَلْيَخْشَ ٱلَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَٰفًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلًا سَدِيدًا) (النساء: 9)
فصلاح الوالد يبقى للابن سيرة طيبة وحفظت من الله تعالى، وصلاح الابن يعود على الوالد وهو في قبره استغفارًا يرقى به في الجنة، وقد قال الشاعر:
وما يَنفَعُ الأصلُ مِنْ هاشِمٍ إذا كانتِ النفسُ مِنْ باهِلَهْ
تعليقات
إرسال تعليق