خير الزاد التقوى
الواعظة، نوره موسى مشرف
منطقة وعظ كفرالشيخ
أثناء
ذهابي للعمل وفي وسائل المواصلات حدث موقف أمامي ،جعلني أتذكر سرعة هذه الدنيا
الفانية وزوالها، فقد كان يركب بجواري أب وأسرته تعرض أحد من أولاده لحادثٍ مٌفاجئ
وهو في عمله فهو من الشباب الذين يعملون من أجل لقمة العيش يعمل في مجال النِجارة
( نجار مُسلح) كما هو معروف ،وقعت عليه قطعة كبيرة من الحديد أثناء رفعها، ووصل
الخبر إلى أهله ، ولا أعرف صراحةً كيف أصف لكم شعور هذا الأب وحزنه الشديد على
فلذة كبده ! فقد ظل طوال الطريق يبكي ويستغفر ويدعي الله عز وجل كثيرًا أن يُنجي
ولده، لكن قدر الله فوق كل شيئ ،فقد تُوفي هذا الشاب بعد ثلاثة أيام من الحادث ،وهذا
هو حال الدنيا وحقيقتها،سُبحان مُغير الأحوال هل كان يعرف هذا الشاب أنه سيترك هذه
الدنيا بهذه السُرعة،وأين ذهبت آماله وطموحاته؟ وهل كان مستعدًا لهذا اللقاء أم
لا؟ والعبرة هنا أحبتي أن نتزود من التقوى وأن نُعدَّ لسؤال جوابًا، ويكون ذلك بإتقان
العمل وإخلاص النية لله عز وجل في كل شيئ حتى نلقى الله عز وجل ونحن على أتم
استعداد ،فالدنيا مهما طالت فهي قصيرة ،وصدق نبينا ( صلَّى الله عليه وسلَّم) حيث
قال في الحديث الشريف الذي يرويه أنس ( رضي الله عنه )عن رسولِ اللَّهِ ﷺ
قَالَ: يتْبعُ الميْتَ ثلاثَةٌ: أهلُهُ ومالُه وعمَلُه، فيرْجِع اثنانِ
ويبْقَى واحِدٌ: يرجعُ أهلُهُ ومالُهُ، ويبقَى عملُهُ متفقٌ عَلَيهِ. فجدير
بالمؤمن أن يجاهد نفسه حتى تكون أعماله صالحة حتى تنفعه يوم القيامة تنفعه في قبره
وفي الآخرة فالعمل الصالح هو الخالص لله عز وجل من صلاة وصوم وصدقات وغير ذلك،فلا تستصغروا
أي عملٍ تقومون به ف الدنيا فربما يكون هو سبب دخولكم الجنة ، فعن أبي هريرة -رضي
الله عنه- قال: (سُئِلَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ عن أَكْثرِ ما
يُدخلُ النَّاسَ الجنَّةَ ؟ فقالَ : تَقوى اللَّهِ وحُسنُ الخلُقِ ، وسُئِلَ عن
أَكْثرِ ما يُدخِلُ النَّاسَ النَّارَ ، قالَ : الفَمُ والفَرجُ) أخرجه الترمذي ،قال
ابن القيّم عن سبب جمع الحديث للتقوى وحسن الخلق: "جمع بينهما لأنَّ تقوى
الله تصلِح ما بين العبد وبين ربِّه، وحُسن الخلق يصلِح ما بينه وبين خلقه"،
وبذلك يفوز المسلم بالجنَّة ،وختامًا أحبتي ف الله ما أحوجنا إلى الإكثار من هذا
العمل الصالح الذي من أعظم ثمراته، طيب الحياة،ورفعة الدرجات، وتكفير السيئات،
والثبات على الحق حتى الممات، ودخول الجنة،وصدق الله القائل في كتابه الكريم (﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ
جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً * خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ
عَنْهَا حِوَلاً ﴾ [الكهف: 107،108].أسأل الله عز وجل أن يتقبل منّا ومنكم
صالح الأعمال.

تعليقات
إرسال تعليق