نصيحة واعظة" يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ"
الواعظة/ هدير فتاح محمد أحمد
منطقة وعظ أسوان
قال تعالى: ".....فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ...) " .سورة المائدة -٥٤).
قدَّم المولى عز وجل محبته لعباده المؤمنين المخلصين، على محبتهم له، فهو الذي يحب عبَادَهُ الصالحين، ويقربهم إليه، ويوفقهم لأفعال الطاعات، ويتقبَّلها منهم.
وهذه المحبة خاصة بمن اصطفاهم الله ففضلهم على سائر البشر، فالله سبحانه ذو فضلٍ وإحسان على جميع المخلوقات، خاصةً الإنسان؛ حيث خلقه في أحسن تقويم، وأحسن صورته، وسخر له كل ما في الأرض ليعيش سعيدًا مطمئنًا.
وحتى تتحقق المحبة في قلوبنا لابد أن تُترجم إلى أفعال وتَنعكس على سلوكياتنا، وإذا نظرنا إلى الكون من حولنا وجدنا أن كل ما نحن فيه من النعم إنما هو من فضل الله علينا؛ بل من محبته لنا، قال رسول الله ﷺ : " أحبوا الله لما يغذوكم من نعمه، فأحبوني لحب الله ...." . (رواه الترمذي).
لكن؛ هلا توقفنا لحظة لنسأل أنفسنا: هل تحققت محبة الله في قلوبنا؟ هل ظهرت آثارها على أفعالنا؟ أم هو حب بألسنتنا فقط دون أن تشعر بذلك قلوبنا أو تتذوق المعاني أرواحنا؟!
إذا كانت محبة الله لم تتحقق بعد في قلوبنا فيجب أن نسْعَ لها ونجاهد أنفسنا للوصول إليها؛ فهي الهدف الأسمى وهي غاية الغايات، وجنة القربات ومنتهى المقامات.
ولكي تتحقق محبة الله في قلوبنا لابد أن نتعرف على الله بمعاني أسمائه الحسنى، ومعرفة صفاته العليا، مع التأمل في مخلوقاته، وبديع صنعه، وتدبر قرآنه العظيم.
كما ينبغي أن ندرك أنه لكي يكتمل إيماننا فإنه يجب علينا أن نُقدِّم محبته سبحانه ومحبة رسوله الكريم- صلى الله عليه وسلم- على محبة كل شئ آخر في الدنيا، فعن أنس -رضي الله عنه - أن النبي ﷺ قال:
" ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما....." متفق عليه.
كما أن من أقرب الطرق التي نصل بها إلى محبة الله- عزوجل- اتباع سنة النبي ﷺ، قال تعالى: " قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"
(آل عمران – ٣١).
ولنتأمل كيف يكون حالنا؛ وما هو شعورنا؛ إذا كنا ممن يحبهم الله؟ بل كيف يكون حالنا إذا كنا من أهل هذا الحديث الذي قال فيه النَّبِي (ﷺ): " إذَا أَحَبَّ اللهُ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحِبَّهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِى جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلاَنًا، فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي أَهْلِ الأَرْضِ" ؟!! (رواه البخاري).
ألا يكفى أن نكون ممن يحبهم الله؟!! ألا تغني هذه المحبة عن كل ما في الدنيا من أحباب أو نعيم؟!!
فلنكثر من الدعاء له سبحانه أن يرزقنا حبه، وأن يوفقنا لكل ما يقربنا إلى حبه، وأن يجعل حبه في قلوبنا خيراً من الدنيا وما فيها.

تعليقات
إرسال تعليق