زواج مبارك على خطى خير الأنام






بقلم الواعظة / شيماء السيد السيد أحمد.

منطقة وعظ القليوبية.

إن الزواج حلم كل عازب ورغبة كل شاب في تأسيس أسرة سعيدة مبنية على التفاهم، والحب، والمودة، ولكن ما يحصل الآن من مشاكل أسرية قد تؤدي في أدناها إلى الطلاق، وتشرد الأطفال، وفي أقصاها إلى القتل، كل هذا يدعونا إلى الوقوف على سبب هذه المشاكل، وكيفية حلها من جذورها للوصول إلى الغاية المنشودة وهي الأسرة السعيدة المليئة بالحب، والمودة، والرحمة التي دعا إليها الإسلام، فإذا وقفنا على أسباب الحياة السعيدة نجد أنها ترجع إلى الالتزام بأحكام الله سبحانه و تعالى، وسنة رسولنا الكريم، فكلما التزم الزوج والزوجة بأحكام الله و سنة نبينا، كلما وصلوا إلى رضا الله عز وجل والسعادة.

إن الأصل في الزواج السعيد هو حسن الاختيار لشريك الحياة؛ لأن مسؤولية الأسرة يقع عاتقها على كتف الرجل، كما يقع بشكل كبير على المرأة أيضًا؛ لأنها مسؤولة عن تربية الأطفال، وتدبير المنزل، لذا كان حسن اختيار الفتاة للزوج هو جوهر الحياة الزوجية، قال ﷺ:" إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلّا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير " رواه الترمذي، وقال ﷺ كذلك عن حسن اختيار الزوجة:" تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)،صحيح مسلم. إذا اختيار الجمال والمال والحسب لا ينكر، لكن الأولى لذات الدين وذو الأخلاق الحميدة، لكي تستقيم الحياة الأسرية فيما بعد..

إن حبيبنا المصطفى ﷺ كان نعم الزوج المحب لزوجاته؛ فكان يحترمهن، ويتناقش معهن بالقول الحسن، فروي عن أمنا حفصة بنت عمر بن الخطاب أنها كانت تراجع النبي ﷺ في كل كلمة وكل أمر حتى تفهم و تقتنع بالقول، وكان ﷺ يساعد نسائه في عمل البيت، فعن عائشةَ أنَّها سُئِلت: ما كان النَّبيُّ ﷺ يعمَلُ في بيتِه؟ قالت:" كان يَخيطُ ثوبَه، و يخصف نعلَه، و يعمل ما يعمَلُ الرِّجالُ في بيوتِهم"، صحيح ابن حبان، وكان ﷺ رغم انشغاله يخصص وقتًا للحديث والأكل مع زوجاته مقسطًا بينهن بالعدل، فكان يواسي من تبكي فيسألها عن سبب بكائها، ويعطيها حقها ممن ظلمها، كما انه ﷺ لم يضرب امرأة قط في حياته، بل كان ليّن القلب.

لم يقتصر حب النبي واخلاصه ﷺ على زوجاته الأحياء، ولكنه ضرب لنا أروع مثل في الوفاء لزوجته السيدة خديجة بعد وفاتها؛ فكان يكثر من الحديث عنها مع أزواجه، ولم يقتصر على الحديث فقط بل والفعل أيضًا، فانظروا كيف أخلص النبي ﷺ في حبها، قالت السيدة عائشة (رضي الله عنها): ما غِرْتُ علَى نِسَاءِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إلَّا علَى خَدِيجَةَ وإنِّي لَمْ أُدْرِكْهَا. قالَتْ: وَكانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذَا ذَبَحَ الشَّاةَ، فيَقولُ: أَرْسِلُوا بهَا إلى أَصْدِقَاءِ خَدِيجَةَ قالَتْ: فأغْضَبْتُهُ يَوْمًا، فَقُلتُ: خَدِيجَةَ، فَقالَ: رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إنِّي قدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا)، الصحيحين. وكان ﷺ يستقبل أقارب السيدة خديجة أحسن استقبال بعد وفاتها حتى أنه في يوم فتح مكة خلع ردائه ليُجلس عليه إحدى صويحبات خديجة، فأي زوج يخلص لزوجته ويحبها كل هذا الحب في حياتها وبعد مماتها.

فإلى كل فتاة تحلم بزوج صالح، ورجل يراعي مشاعرها، ومتطلباتها، ويتقي الله فيها، ويكون سندًا لها بعد الله تعالى، ويكون أبًا وقدوة حسنة لأولادها، اختاري زوجًا يكون بارًا بوالديه، وعلى خلق حسن مثل نبينا؛ إن أحبكِ أسعدكِ، وإن اختلف معكِ اتقى الله فيكِ، اختاري المتدين الذي يأخذ رسولنا الكريم قدوته الحسنة، والذي يأخذ بأفعاله قبل أقواله مبلغَا لرضا الله عز وجل ويراعي الله فيك.

وأنتم أيها الأزواج تعلموا الصبر والحكمة من نبينا الكريم في تعامله مع غيرة النساء، وكيفية معالجتها بالقول، والفعل الحسن والصحيح.

أيها الأخوة الكرام من اتبع سنة نبينا ﷺ فقد أطاع الله تعالى، وسعد وفاز في الدارين؛ دار الدنيا بالزوجة الصالحة؛ فهي خير متاع الدنيا كما قال نبينا، ودار الآخرة بالجنة، والحور العين، فياله من فوز عظيم يحثكم على مراعاة الأمانة، وجهاد النفس والشيطان لتكونوا نعم الخلف الصالح لرسولنا الكريم.






تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بالأسماء تعرف على أوئل الشهادة الإبتدائية والإعدادية الأزهرية بالغربية

نموذج محاكاة الحياة النيابية والتشريعية فاعلية تثقيفية لطلاب أمانة وجه بحري بجامعة الأزهر

الغربية الأزهرية تشارك في فعاليات معرض الكتاب بفريق إنشاد ديني متميز