حاسبوا ولا تجلدوا
بقلم /الشيماء عبيد عبد اللاه
منطقة وعظ أسوان
خلق عظيم وعمل قلبي جميل، وهو المقصود من النظر في قول الله-تعالى- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (الحشر١٨)، هذا العمل القلبي هو محاسبة النفس، والمحاسبة هي خلوّ العبد مع نفسه بعض الوقت للنظر فيما عمِله ليدرك ما قصّر فيه فيتوب ويرجع...
فهي لحظات بعد كل عمل صالح أو في نهاية كل يوم، يخلو فيها المؤمن مع نفسه يراجع نيته وغايته من كل عمل، هل كانت نيته لله؟ وهل كانت غايته هي إرضاء الله أم كان لهوى نفسه حظ منها؟ ...
ولكي يحاسب المؤمن نفسه محاسبة عادلة يجب أن يكون موقنًا أنه لا يحدث في ملك الله إلا ما أراد الله فما وقع في حياته من أمور صغيرة كانت أم كبيرة فهي بأمر الله، وما حدث له من خير فهو بتوفيق الله وما يبدوا له أنه شر فلله حكمة فيه، كل ما عليه فقط هو أن يتفكر ويتعلم من كل ما يحدث في حياته، كما يجب أن يتخلص من حسن ظنه بنفسه ويعلم أنه مهما بلغت عبادته كثرة أو إتقانًا فهي أمام فضل الله عليه لا شيء، بهذا يتوفر عنده رؤية صادقة واضحة يستطيع من خلالها محاسبة نفسه محاسبة عادلة.
وبالمداومة على تلك المحاسبة العادلة تتمرن القلوب وتتربى الأنفس على المراقبة والإخلاص والزهد والخوف والرجاء وغيرها من الأعمال القلبية التي يحتاجها المؤمن في طريق رحلته إلى الله.
ولكن احذروا أن تتحول هذه المحاسبة لجلدٍ للذات يقوم الإنسان من خلاله بتحطيم نفسه بكثرة اللوم عليها، وتيئيسها من الإصلاح، مع التغاضي عن كل ميزة حباه الله إياها وكل خير فعله، هذا الجلد يربي في النفس اليأس والإحباط وعدم الثقة بالنفس ومن ثَم الاكتئاب.
وشتان بين الأمريين فالمحاسبة بناء والجلد هدم... فحاسبوا ولا تجلدوا.
تعليقات
إرسال تعليق