هدايات ربانية في الهجرة النبوية
بقلم /د. هبة أحمد سلامة
يقول
ربنا (إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ
كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ )سورة التوبه:٤٠
هذه
الآية تذكير للأمة أجمع وعلى رأسهم أصحاب رسوله( صلى الله عليه وسلم )
بهذا
الموقف الذي نصر فيه نبيه دون معين ولا نصير
سبحانه
تكفل بنصره أعانوه أو لم يعينوه!
نصره وهو في قلة من العدد والعدة
فكيف
به إذا كان في عدد وعدة !
وكأن
ربنا يقول ما نُصر رسول الله بكم وبعدتكم
وعددكم وإنما هو حفظ الله وتأييده وعنايته
فانظروا
يوم الغار، وانظروا يوم حنين ( إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ
عَنكُمْ شَيْئًا )
وتلك
سنة الله التي لا تتبدل في نصر أوليائه وأصفيائه
هل
رأيتم تلك الحسرات التي وقعت في قلوب
الذين آثروا القعود والراحة وتكاسلوا عن
نصرة دين الله ونصرة رسوله
وهل
أدركتم ما أحدثته تلك الآية في نفس سيدنا أبي بكر (رضي الله عنه وأرضاه )
فهلّا
جعلنا من ذكرى هجرته (صلى الله عليه وسلم ) ميلادًا لحياة جديدة مع الله نحمل فيها
هم الأمة
نُغيث
ملهوفًا،وننصرمظلومًا
،
ونعلم جاهلًا
وليبدأ
كلٌ بنفسه (فرب همة أحيت أمة )
أمّا
الجزء الثاني من الآية الكريمة ( إِذْ
أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ ) التوبة:٤٠
مع قلة
عبارتها إلّا أنها تحمل من المعاني ما يملأ القلب عجبًا واندهاشًا من دقة اختيار
الألفاظ وفيها من اللطائف ما يسمو بالنفس ويجعلها تقول سبحان من هذا كلامه
اللطيفة
الأولى :
كيف
يقول ربنا إذ أخرجه الذين كفروا وهو من أمره بالخروج؟
لبيان أنهم السبب في خروجه طريدًا متخفيًا وهو من هو
سيد الخلق وحبيب الرحمن .
وفيه
تسلية لكل مظلوم عدى عليه قومه وأبناء عمومته ؛فظلمهم والله أشد جُرحًا من ظلم
الأغراب.
هذا
الألم ذاقه رسول الله (صلى الله عليه وسلم )!
فيها
تغليظ عليهم بنسبة الفعل إليهم وخصوصًا على من أسلم من الصحابة بعد الهجرة
ماذا كانت تفعل تلك الآية في قلوبهم !
أعتقد أنها كانت تفتح جُرحًا لا يكاد يلتئم في
قلوب من تأخر إسلامهم
هذا مع
علمهم أن الإسلام يَجُبُّ ما قبله.
وهذا
حال كل من ضيع عمره وانشغل عن الله فهذه الآية توقفه على حقيقة تقصيره في نصرة
الله ورسوله وأن كفة الميزان بيننا وبين السابقين لن تتكافأ أبدًا إلّا إذا أفرغنا
جهدنا في نصرة هذا الدين
اللطيفة
الثانية:
كم هي
جميلة تلك اللفظة
(ثَانِيَ
اثْنَيْنِ ) ومعنى تلك العبارة القرآنية أي : أخرجوه وهو أحد الإثنين، أي: واحد من
الإثنين.
الأول
معلوم هو رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أما الثاني
لماذا لم يسمه الله؟
لأنه
استفاض واشتهر إنه الصديق (رضي الله عنه وأرضاه)
هنيئًا
لك سيدي أبا بكر أن يذكرك رب العالمين في كتابه المحفوظ إلى يوم الدين
فيها
تنبيه وتذكير لمن تحدث له نفسه في التخلي عن نصرة دين الله ونصرة رسوله ويعتقد أنه
بذلك يضعف الدين!
كلا
والله فمن أعرض فقد كفى المسلمين شر خذلانه و الله ناصرٌ دينه وناصر نبيه فليس
النصر بالعدد (كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ
اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ )البقرة:٢٤٩
قال
الشعبي: عاتب الله عز وجل أهل الأرض جميعًا في هذه الآية غير أبي بكر الصديق رضي
الله عنه".
يقول
سيد عُمَرُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لتلك الليلة خير من عمر، ومن آلِ عُمَرَ.

تعليقات
إرسال تعليق