كلنا في مركب واحد

 / بقلمهدى الشاذلي

منطقة وعظ الغربية

من أحب الأحاديث إلى قلبي حديث السفينة والذي نصه :عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما-: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«مَثَلُ القَائِم في حُدُود الله والوَاقِعِ فيها كمَثَل قَوم اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَة فصارَ بعضُهم أَعلاهَا وبعضُهم أسفَلَها، وكان الذين في أسفَلِها إِذَا اسْتَقَوا مِنَ الماءِ مَرُّوا على من فَوقهِم، فَقَالُوا: لَو أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقاً وَلَم نُؤذِ مَنْ فَوقَنَا، فَإِنْ تَرَكُوهُم وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعاً، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيدِيهِم نَجَوا وَنَجَوا جَمِيعاً».صحيح البخاري

ففي الحديث معانٍ جميلة، وتشبيهٍ رائع، وصورة بلاغية تراها عند قراءتك للحديث،فالحديث يمكن الاستشهاد به في مواقف كثيرة،فكل مشكلة مجتمعية وكل أزمة أخلاقية يمكننا أن نطبق عليها هذا الحديث، وذلك لأننا جميعًا في مركب واحد.

وقد لاحظنا مؤخرًا ظهورمشكلة التغيُّرات المناخية، فالجميع يتحدث متخصصون وغير متخصصون ، فيزيائيون، أطباء ، دعاة ووعاظ ، أساتذة الشريعة ، أساتذة القانون ، وزارة البيئة …

وربما يقول قائل هذا من تخصص وزارة البيئة ولا علاقة لنا بهذه الأزمة ؛ لكن هذا خطأ، فنحن من نعيش في هذه البيئة ونحن أول من يؤثر فيها ويتأثر بها ، نحن جميعًا في مركب واحد شئنا أم أبينا !

بل أزيدك من الشعر بيتًا حيث إن الأزمة عالمية، يتحدث فيها العالم أجمع، ولأجلها تنعقد المؤتمرات وتُبرم الاتفاقات ، بل ويتم توقيع العقوبات والجزاءات على المخالف .

 وربما يقول آخر هذا هو التطور الطبيعي لنهاية العالم ألم تؤمنوا بقيام الساعة !بالطبع نؤمن بها ولكننا نؤمن أيضًا بقول رسولنا الكريم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

( إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا ) .رواه أحمد بإسناد صحيح  ولك أن تتخيل أني كنت مثلك تمامًا لم أعِ حجم المشكلة ولا خطورتها بل ربما خضت مع الخائضين في بوستات الهراء والاستهزاء  بالسحابة السوداء ، وثقب الأوزون ،والاحتباس الحراري دون فهم ووعى ودراية حتى حضرتُ مؤتمرًا عن المناخ أواخر العام الماضي ثم تلقيتُ ورشة عمل تدريبية حول التغيُّرات المناخية وآثارها المحتملة فوجدت الأمر خطير من كافة الزوايا، فالجليد يذوب ويؤدي إلى ارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات، وبالتالي قد تتعرض بعض المدن بل محافظات بأكملها للغرق، احتراق الغابات وما يسببه من تلوث ومساهمة في ثقب طبقة الأوزون التي بدورها تحمي كوكب الأرض من أشعة الشمس الضارة ، ناهيك عن أكوام القمامة وما تحويه من أمراض وجراثيم ، وحدّث ولا حرج عن خطورة البناء على الأراضي الزراعية وما يسببه من تصحُر وانخفاض نسبة الأكسچين في الهواء وارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون والذي هو من الأسباب الرئيسية في ظاهرة الاحتباس الحراري.

ونظرًا لطبيعة عملي كواعظة فدوري لايزيد عن كونه توعوي فيجب أن أبلغ الرسالة ووجب التنبيه والتأكيد على كل فرد أن يبدأ بنفسه ويحافظ على بيئته المحيطة به على صغرها لكنه سيؤثر في المحيط الأكبر؛ لأن البيئة لو هلكت  لهلكنا جميعًا ولو أخذنا على أيدي بعضنا البعض وتلاحمنا لحمايتها لنجونا جميعًا فنحن جميعًا في نفس السفينة …. نعم كلنا في مركب واحد.