ناهد زغلول تكتب :ومازال القلب ينبض(٢)




ناهد زغلول تكتب :ومازال القلب ينبض 2

عجوزا يلمس بيدى الفنان العبقرى لتدخله إلى غرفته نظرت إليه وأنا متعجبة قائلة

ياإلهى .......هـــــذا الفنان كفيف.

إنتابنى إنقباضة باردة بداخل صدرى مفعمة بالشجن مع إندهاشة على هذا الفنان الذى فقد بصره وإن كان إرادته قاهرة مسيطرة لتبنى صورة ملمحية من فنــــه الـــذاتى الذى يتحدى مأسوية القدرليصنع تمثالا كأنه إنسان حقيقى يالها من عبقرية طاغية كل هذا وهو كفيف ببصره.

فلم أتمالك الشعور بالحزن الذى تكبد بداخلى لرؤية هذا الفنان وشعورى ايضا بالعطف نحوه.

ظهر الفنان مرة أخرى أخذ يتحسس بيده على حائط البلكون إلى أن وقف بضع دقائق، كان فضولى كالعادة لايتوانى من الإلحاح على نفسى لمعرفة المزيد عنه وناديت بصوت عال لينتبه لى...

Ø مساء الخير..

ولكنه لم يسمعنى رغم علو صوتى وقفت لحظة أحدث نفسى لماذا لايلقى لى إهتماما؟...يبدو أنه يفكر فى أمر ما فلا يبالى بالتركيز مع أحد.

فعاوت تكرار التحية مرة إخرى بعلو صوتى.

Ø مساء الخير سيدى

ثم تنبه وأمال برأسه نحوى قائلا..

Ø مساء النور سيدتى ..

Ø أنتى من تحينى

Ø نعم

Ø أنا أعتذر منك كنت أظن أن بجانبى شخص أخر فى البلكونه المجاورة تحيينه..

Ø لاداعى للأعتذار سيدى..

Ø هل تمانع أن أتحدث معك بعض الوقت

Ø بكل سرور

Ø من الممكن معرفة إسمك

Ø أنا سيد عزمى .......أهلا بك

Ø وأنا سلمى .......أهلا بك

Ø سعدت بمعرفتك سيد عزمى

Ø وأنا أيضا سيدتى

أسترسلت معه الحديث،وبعد أن إنتهيت أخذ الوقت يمر سريعا فلم أتدارك أن الوقت متاخرا.

Ø يبدو أنى قد أطلت عليك كثيرا سيد عزمى ... تصبح على خير

Ø وأنت من أهل الخير

Ø أتمنى رؤيتك ثانية

Ø بكل سرور للحديث بقيه

أغلقت النافذة وعدت بالداخل حتى إنتابنى النعاس على فراشى غارقة فى نــــوم عميق، وإن كنت على عرق كثيف يغمر وجهى والوسادة بصحبته حلـــــم أشــــعر بروحى تتجرد من قيود جسدى لتغادرنى. فتحلم برؤية الفنان ثانية والتمتع بحديثه

جرس المنبه أخذ يعلو برناته حتى أصبحت الساعة الثامنة صباحــــا، قمت مــن فراشى وأعددت نفسى لأتوضاء وأصلى , وبعد صلاتى لملمت سجـــادة الصلاة.

وأعددت الفطور وتهيئت للنزول وركبت سيارتى وفــى أثناء قيادتــــى للسيارة، إختمرت فكرة فى رأسى حينها تذكرت عم حسن عندما سألته عن جارى قال لى شيئا لم أتنبه إليه أن عددا من السيدات تأتى إلـــى مرسمه ليروا لوحاته وتماثيله ليشتروا منها ... فلما لا أذهب إلى بيته وأدعى أنى أريد رؤية تماثيله ولوحاته الفنيةلأشترى منها بورتريه يعجبنى أو تمثالا أريد شراءه.....نعم إنها فكرة جيدة حقا.... هذا يعطينى الفرصة لأعرف المزيد عنه وبالتالى أرى تمثاله الجميل، مضى بــى وقتا طويلا بقيادة السيارة حيث كان الطريق مزدحما والعراك مع البشر شىء ممل للغاية، فكل منهم لايريد إعطاء فرصة للأخرللمسير

أخيرا بعد طول إنتظار فى الطريق وصلت للعمل ومضت ساعات العمل حيث كان العمل مشحونا للغاية من أوراق والتعامل مع العملاء وتغير العملات، إلخ..

خرجت من العمل وركبت سيارتى المركونه بجوار البنك وعاوت إلى البيت وفتحت باب الشقة ودخلت إلى غرفتى ونزعت ملابسى على الفورلأزيل عرق السفر وأعددت الغداء وجلست لأستريح على الأريكة من عناء السفر وطول اليوم الملىء بالملل. أفكرللحظات (التمثال الرائع والفنان المبدع) أصبحت الكلمات تتردد علــى لسانى حيث أن هذه الصورة لم تتوانى لحظة حيث كانت راسخة فــى ذاكــــرتى.

الفكرة أصبحت تراودنى من وقت لأخر لتنفيذها حيث همهمت نفسى بكلمات، لماذا تنتظرين؟

هيا ياسلمى.

خرجت من المنزل وقلبى بدأ يخفق لوصولى إلى باب شقته.

وأخذت أحدث نفسي للحظات "أنا الأن واقفه أمام بيته انى محرجة جدا"، وماذا أقول إذا؟

طرقت الباب

فتحت لى خادمته وهى سيدة عجوزتتجاوز الخمسون من عمرها حيث قلت

Ø صباح الخير

Ø صباح النورسيدتى، ... ماذا تريدين؟

Ø أريد السيد عزمى هل هو موجود

Ø نعم

Ø ولكن هل لديكِ ميعاد سابق

Ø لا ولكن أخبريه أن جارته سلمى تريد مقابلتك فهو يعرفنى جيدا

Ø حسنا، ...إنتظرى لحظة حتى أعطيه علما

دخلت إلى غرفته لتخبره أن سيده تريد مقابلته حيث قال....

Ø من هذه السيده

Ø تقول أنها سلمى جارتك

Ø قال أدخليها على الفور

Ø تفضلى السيد عزمى فى إنتظارك

Ø شكرا

Ø صباح الخير سيدى

Ø صباح النور سيدتى

Ø أنا أعتذر منك فالخادمة لم تعرفك جيدا فلم تراك من قبل

Ø لاداعى للأسف من حقها ذلك فأنا بالنسبة لها غريبة حيث لم ترانى من قبل

Ø ماذا تريدين أن تشربى أولآ؟

Ø من الممكن فنجانا من القهوه

Ø لك ماتريدين ......

Ø ياحاجه صباح ....... فنجان قهوة للسيده سلمى

Ø حاضر سيدى على الفور

Ø ماسر زيارتك لى؟

Ø سيد عزمى أريد أن أعرف شيئا

Ø وماالذى تريدين معرفته؟

Ø فى الحقيقة أننى إريد أن أتعرف عليك كثيرا ،حيث أننى لم أستطع أن أرى فنانا به هذه العبقرية التى تظفر بين يديه ليجسد تمثالا بهذا الإبداع ولم أعرف شيئا عنه وهذا الذى أتى بى إلى بيتك لمعرفتك والتعرف على فنك جيدا وإن كنت شغوفه لمعرفة المزيد عنك.

Ø لك ماتريدين

Ø ولكن لاتؤاخذينى ياسلمى إذا كنت تريدين معرفتى لابد قبل كل شىء أتعرف عليك أولا....

Ø طبعا هذا من حقك.... ماذا تريد أن تعرف إذا؟

Ø حدثينى عن نفسك ؟...

Ø حسنا....أنا سلمى حازم.... أعمل بالبنك المصرفى بالقاهرة، وأسكن بشقة فى العمارة التى أمامك.

Ø وماذا عن عائلتك ؟.... وهل تدرسين ام لا؟

Ø أننى منذ أن تركت عائلتى فى أسبانيا فكنت أعشق الدارسة فى القاهرة وبخاصة التاريخ الفرعونى كنت أشعر بمدى عبقرية الفراعنه ومدى حضارتهم العريقه فوددت أن ألتحق بالجامعة المفتوحة وأن أتخصص بعلوم الأثار ولم يمانع أبى أن أسافر إلى مصر حيث درست بهاأربعة سنوات فكنت دائما أزور بعض الأثار الفرعونية فدراستى أفادتنى كثيرا فكنت أعرف بعض الملوك والأسرات القديمه والحديثه.....تخيل سيدى وددت لحظه ما ..أن أصبح ملكه من ملوم الفراعنه وأن يرانى كل الناس من جميع أنحاءالعالم فأنا مغرمة بالفن الفرعونى

Ø إذا أنتى عاشقة لمصر وحالمة أيضا

Ø نعم ..هذا يبدوغريبا حقا.. لما لاتبحثين عن فرصة للعمل بالآثار مادمت تحبينها

Ø فى الحقيقة كان والدى مصرى الجنسية فهو يتحاكى كثيرا عن عظمة المصريين وعبقرية الحضارة المصرية فقد رسخ بقلبى حبها فأصبحت شغوفه بالدارسة لمعرفتها والتعرف على تلك الحضارة العبقرية ولكن لم تكن رغبتى بالعمل فى هذا المجال فرغبتى الحقيقة هى العمل فى إحدى البنوك ولكن لم يكن عندى المؤهل المتخصص فى المحاسبة حيث كانت دراستى فى أسبانيا فى الترجمة بإحدى الشركات العالمية.... فقررت أن أتقدم لكلية التجارة ودرست بها أربع سنوات وتخرجت وأخذت دورة تدريبية كاملة فى المحاسبة، وعرض على أحد زملائى فى الجامعة حيث كان أباه مديرا بأحد البنوك عندما عرضت عليه أن أعمل فى البنك وافق على الفور....فظللت طوال هذه الفترة أتنقل من شقه إلى أخرى للإستقرار وإنتهى بى المطاف إلى هذه العمارة التى أمامك ومرت بى سنوات طويلة.... تلك الفترة كانت صعبة بالنسبة لى حيث كنت مفتقدة دائما لوالدى دائما الغربه تأخذ السنين من عمرنا وتبعدنا عن أغلى الناس

Ø هل معنى ذلك أنك تسكنى بمفردك ولم يكن أحدا معك؟

Ø نعم طوال هذه الفترة كنت بمفردى حيث كان والداى بأسبانيا

Ø . هل جاؤوا لزيارتك فى هذه الفترة؟

Ø نعم بين الحين والحين. وأحيانا أخرى أفتقد حنانهم حيث كانت زيارتهما لى مجرد واجب فقط أفتقد دائما لحنان الأم والأب الحقيقى فكلاهما لايفكران إلا فى عملهما فقط

Ø ورغم ذلك تشتاقين لرؤيتهما

Ø نعم ولكن هم مشغولون دائما بعملهم فالعمل بالنسبة لهم كل شىء متناسين واجبهم تجاهى

Ø ماذا كان يعمل والداك؟

Ø كان رجل أعمال فهو يملك أكبر سنتر باسبانيا للتجارة الملابس.

Ø وأمى أستاذه بالجامعة وهى أسبانيه تعرفت بأبى بأسبانيا حيث كانت تجمعهما علاقة حب قوية وأستكملت مراحلدراستها وهى متزوجة بأبى حيث كنت أنا الإبنة الوحيدة لها ............... فقلت له وأنا شارده.........وتنهدت تنهيدا خفيفه لشعورى بمدى عذاب الوحدة حيث أننى لم يكن عندى أخوات ولايوجد من يسلى وحدتى....

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بالأسماء تعرف على أوئل الشهادة الإبتدائية والإعدادية الأزهرية بالغربية

نموذج محاكاة الحياة النيابية والتشريعية فاعلية تثقيفية لطلاب أمانة وجه بحري بجامعة الأزهر

الغربية الأزهرية تشارك في فعاليات معرض الكتاب بفريق إنشاد ديني متميز