فن صناعة الأمل في الدين الإسلامي
بقلم الواعظة /ياسمين عبد الفضيل محمود
منطقة وعظ الشرقية
التفاؤل صفة أصيلة بالدين الإسلامي فهو دين ينهى عن التحسر؛ فيما رواه أبو هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم:( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفى كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء لا تقل لو أنى فعلت كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان) صحيح مسلم (٢٦٦٤)
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم (لا تحاسد إلا في اثنتين رجل ءاتاه الله القرءان، فهو يتلوه آناء الليل وأطراف النهار، ورجل آتاه الله مالا ينفقه في حقه، فيقول لو أوتيت مثل ما أوتي لفعلت كما يفعل.) صحيح البخاري (٧٢٣٢)
وقد شرح الإمام ابن حجر في كتابه فتح الباري، كتاب الأماني، باب ما يجوز من اللو وقوله تعالى (لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً) ,(ج١٣/ص٢٧٣)
وأول أمر ننبه عليه أنه بالعلم مع الأمل بالخيرات نبلغ مرتبة فاعلها فالله مطلع على النوايا، كما قال رسولنا في رواية أخري، (فهما في الأجر سواء) ، (مشكل الآثار،٢٦٣)
و ثانيا / تعالوا نعرف كيف لنا أن نحيا بالأمل، ويتأصل بأرواحنا وهذا يتأتى لنا فقط عندما نصل لمرحلة اليقين، فنعى أن الأمر كله لله، فنفرح بفضل الله ورحمته، ولا نيأس من روح الله، لأنه لا ييأس من روح الله إلا الكافرون والقانطون، نعوذ بالله أن نكون منهم
وأن أملنا ليس مجرد أماني كاذبة وأحلام يقظة وإنما هو أمل باعث على العمل، ودافع للمزيد من السعي، كما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم (إن قامت الساعة، وفى يد أحدكم فسيلة فليغرسها) مسند البزار (١٧/١٤)؛ فعلينا السعي والله منه المثوبة والأجر
ثالثا: إنك بحسن الظن بوجه الله تنجو من النار ومن عذاب الله قال رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم (يخرج من النار رجلان فيعرضان على الله ثم يؤمر بهما إلى النار، فيلتفت أحدهما ويقول ما كان هذا رجائي، فقال الله: وما كان رجاؤك، فقال كان رجائي إذ أخرجتني منها ألا تعيدني، فيرحمه الله فيدخله الجنة.)، (صحيح ابن حبان،٦٣٢)
وما كان من قصة النبي يعقوب، كما يوضح لنا الإمام ابن كثير رحمه الله فيقول: أن يعقوب قال في الأولى لما جاءه بدم على قميص ابنه يوسف (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) وفى الثانية لما اشتد به الكرب أضاف جملة أخرى تدل على قوة أمله برحمة الله ورجاؤه لا يخيب بأن يجمع شملهم بأبنائه جميعا، كما قال (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا)
فالمسلمون كلما ضل بهم السعي وشق المسير رجعوا وتابوا إليه؛ وهو سبحانه يحب التوابون ويمدح الأنبياء بقوله سبحانه (اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ) (ص ١٧)
فهلا دعونا لمصرنا بأن يديم علينا الأمان، والإخاء، يا واسع الكرم، وكما يجرى على ألسنة البسطاء، قصدنا وجه الكريم، ولنا في الله أمل لا يخيب، وإن اشتدت الخطوب، فهو اللطيف علام الغيوب
تعليقات
إرسال تعليق