عندما تطيب الحياة






بقلم الواعظة /هبة أحمد سلامه

واعظة شمال سيناء


ننظر في وجوه من حولنا فنجدها في كثيرٍ من الأحيان وجوه مزيفة مصطنعة تُظهر أشياءً وتُبطن أشياءً أُخرى هؤلاء القوم يُعانون كثيرًا في حياتهم من تصنع المشاعر وعدم الشعور بالرضا ؛فيحسدون الناس على ما ءاتاهم الله من فضله لا يرضيهم الواقع مهما كان حسنه وجماله. ولكن عندما تطيب الحياة! نجد أُناسًا يَحيون بفطرتهم بكل ما تحمله هذه الكلمة من معاني راقية وأحاسيس نقية لا يحملون هم الحياة وإن ضاقت بهم أسباب الرزق فرغم فقرهم لا يجدون صعوبة في أن يضع أحدهم رأسه على وسادته ويذهب في نومٍ عميقٍ هادئٍ لا يحمل هم فلان عنده أو فلان تقدم أو ترقَّى هؤلاء لا يعرفون مثل هذه الصراعات ولا يدخلون أمثال هذه الحروب ، ومن وقائع السيرة المشهورة واقعة هذا الرجل البسيط الذي لم يكن معروفًا أو مشهورًا بين الصحابة ويصفه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بأنه من أهل الجنة لمدة ثلاثة أيام متتالية فيقول (صلى الله عليه وسلم) يخرج عليكم رجل من أهل الجنة فيخرج هذا الرجل ويصفه أنس بأنه رجل يقطر ماء الوضوء من لحيته واضعًا حذائه أسفل إبطه فيشعر عبدالله بن عمرو بالغبطة فيسعى لمخالطة الرجل ومعاشرته وبذلك تنكشف محاسن الناس ومساوئهم ويمكث عنده ثلاث ليالي وبعدها يخبره عبدالله بحقيقة الأمر فيقول له سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَكَ ثَلَاثَ مِرَارٍ : ( يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ) فَطَلَعْتَ أَنْتَ الثَّلَاثَ مِرَارٍ ، فَأَرَدْتُ أَنْ آوِيَ إِلَيْكَ لِأَنْظُرَ مَا عَمَلُكَ فَأَقْتَدِيَ بِهِ ، فَلَمْ أَرَكَ تَعْمَلُ كَثِيرَ عَمَلٍ ، فَمَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالَ مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ ، قَالَ : فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَعَانِي فَقَالَ : مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ ؛ غَيْرَ أَنِّي لَا أَجِدُ فِي نَفْسِي لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ غِشًّا وَلَا أَحْسُدُ أَحَدًا عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ . فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ ، وَهِيَ الَّتِي لَا نُطِيقُ) (صحيح) .

فأصبح هذا الرجل معلمًا ومربيًا لعبد الله بن عمرو بن العاص وابن عمرو هو الزهرة التي نبتت وسقيت بمداد الوحي هؤلاء القوم يعْلمون قيمة الحياة ويدركون حقيقتها فلو اجتمع عندهم أمر الدنيا وأمر الأخرة لا يترددون في اختيار الآخرة !

ولا عجب فهؤلاء يفرون من الدنيا فرار الصحيح من المجذوم ويكتشف عبد الله بن عمرو أن الجنة لا يدخلها إلا من ملك قلبًا صافيًا متصالحًا مع الحياة لا يحمل حقدًا ولا غلًا لأحد.

حتى وإن كان صاحبه قليل الصوم قليل القيام بالأسحار.






Comments

  1. LuckyClub: Lucky Club's online casino site - LUCKY Club
    Lucky Club, known luckyclub.live as Lucky Club for its fast and friendly casino, has become synonymous with quality and entertainment. The operator's

    ReplyDelete

Post a Comment

Popular posts from this blog

جهود المؤسسات الإسلامية في معالجة القضايا الفكرية والاجتماعية مؤتمر لأصول الدين بطنطابالتعاون مع مجمع البحوث الإسلامية

رئيس المنطقة الأزهرية يزور أوائل الجمهورية وقسم كفر الزيات الأزهري يكرم الأولى مكفوفين

قيادات الأزهر الشريف في عزاء والدة وكيل الأزهر بقريته مجول