هذا وعد الله
الله تعالى كريم يحبنا أكثر بكثير من حب الوالدين لأبنائهم وما خلقنا إلا ليُكرِمنا، ولكن هذه الدنيا دار ابتلاء ومِحَن؛ فإذا أصيب المسلم بمصيبة وضاقت عليه الدنيا وظن أنه هالك لا محالة ثم صبر ولجأ إلى الله -عز وجل- جاءه اليسر والفرج من حيث لا يدري.
ولنا في رسول الله ﷺ أسوة حسنة، يقول الله تعالى لرسوله الكريم: ﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ﴾ (النحل: 127).
فقد أمر الله -عز وجل- نبيه بالصبر ونهاه عن الحزن وعن ضيق الصدر بسبب ما فعله المشركون بنِسبته ﷺ بالكذب والسحر والشعر وغير ذلك مما رموه به، وقد حزن النبي ﷺ حزنًا شديدًا خاصة بعد أن فقد السكن وفقد السند وتخلى عنه أهل الأرض، شدة بعد شدة، فلجأ النبي ﷺ إلى مولاه مناجيًا متضرعًا لم ييأس ولم يفقد الأمل، وبعد ذلك أتى الفرج من عند الله -عز وجل- واحتفل به أهل السماء في رحلة المعجزة (الإسراء والمعراج) التي سُطِّرتْ بماء الذهب، والتي يعيش المسلمون في كل عام مع ذكراها يستلهمون منها الدورس والعبر، فهى رحلة خالدة في قلب كل مؤمن نتعلم منها الكثير والكثير، ومن أعظم ما نتعلم منها هو محاربة اليأس مهما اشتد والباطل مهما طال، فهو زاهق لا محالة، يقول الله تعالى في كتابه الكريم:
(وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا) (الإسراء: 81).
فهذه الآية الكريمة تحمل تهديدًا ووعيدًا لكفار قريش؛ لأن الحق قد جاءهم من الله لا مرية فيه ولا قِبَل لهم به، وهو ما بعثه الله به من القرآن والإيمان والعلم النافع وزهق باطلهم، أي اضمحل وهلك، فإن الباطل لا ثبات له مع الحق ولا بقاء. (تفسير ابن كثير).
ولا عجب من وجود مثل هؤلاء في كل زمان، حاقدين ماكرين يرفضون العلم النافع ويتبعون أهواءهم، ولكن الله -عز وجل- ناصر دينه لا محالة، وهذه رسالة لكل مكروب على وجه الأرض، فإن بعد الشدة حتمًا سيأتى الفرج؛ لأن هذا وعد الله، ووعد الله لا يتخلف. قال تعالى: (فَإِنَّ مَعَ ٱلۡعُسۡرِ يُسۡرًا (5) إِنَّ مَعَ ٱلۡعُسۡرِ يُسۡرٗا) (الشرح: ٥،٦).
وقال الحسن البصري رحمه الله : «لا تكرهوا البلايا الواقعة، والنقمات الحادثة، فَلَرُبَّ أمرٍ تكرهه فيه نجاتك، ولَرُبَّ أمرٍ تؤثره فيه عطبك. أي: هلاكك».
تعليقات
إرسال تعليق