ماذا لو غاب العلماء!
بقلم الواعظة:أماني سعد صلاح
منطقة وعظ دمياط
روي في الأثر: أن زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ رَكِبَ دابته، فَأَخَذَ ابْنَ عَبَّاسٍ بِرِكَابِهِ، فَقَالَ لَهُ: لا تَفْعَلْ يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَقَالَ : هَكَذَا أُمِرْنَا أَنْ نَفْعَلَ بِعُلَمَائِنَا . فَقَالَ زَيْدٌ : أَرِنِي يَدَكَ . فَأَخْرَجَ يَدَهُ ، فَقَبَّلَهَا زَيْدٌ وَقَالَ : هَكَذَا أُمِرْنَا أَنْ نَفْعَلَ بِأَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
هذا الموقف يبين لنا كيف كان تقدير واحترام سلفنا الصالح للعلماء، والذي أُمرنا أن نفعل مثلهم؛ ذلك لأن احترام العلماء وتوقيرهم إنما يدل على فطرة الإنسان السوية وصحة وسلامة إيمانه، فبدون العلماء لن نجد العلم وبدون العلم سيضل الناس وسنجد من يفتي بغير علم، ومن يجعل الحلال حرامًا والحرام حلالًا، ومن يفرق بين الناس ويخرب المجتمع بجهله، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبادِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَماءِ، حتّى إذا لَمْ يُبْقِ عالِمًا اتَّخَذَ النّاسُ رُؤُوسًا جُهّالًا، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا" (رواه البخاري ومسلم).
ولن تعلوا أي أمة أيًا كانت إلا بعلمها وعلمائها، والعلماء هم الذين عُرفوا بصالح العمل وحسن النية وبذلوا حياتهم في طلب العلم وتبليغه لغيرهم ونشره، الذين ينيرون للناس حياتهم ويأخذون بأيديهم إلى الهدى والرشاد، وهم ورثة الأنبياء، وحملة مشاعل النور للبشر، فلا يزال الناس بخير ما بجلوا علماءهم وحملوا لهم كل تقدير واحترام.
وهؤلاء العلماء لا نقصد بهم المتخصصين في مجال بعينه بل نقصد كل العلماء على اختلاف تخصصاتهم ومجالاتهم التي برعوا فيها العلمية والعملية والدينية والدنيوية، فإن كل أمة تتفاخر بما لديهم من علماء ومفكرين.
وليس منزلة أهل العلم كغيرهم حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم فضل العالم على العابد؛ فالعابد أثره مقتصر عليه أما العالم فأثره وثمرته تعود عليه وعلى غيره، فلابد أن نكرمهم لإكرام الله لهم وأن نتعامل معهم بأرقى درجات الأدب وأن ننشئ صغارنا على حبهم وتوقيرهم حتى يتخذوهم قدوة بدلًا من اتخاذ غيرهم من السفهاء قدوة، وليطرح كلٌ منا هذا السؤال على نفسه حتى يعرف قدرهم أكثر، ماذا لو غاب العلم والعلماء عن حياتنا!
تعليقات
إرسال تعليق