فلنُحسن الوداع
شهر رمضان فرصة عظيمة في اغتنام الطاعات والتزود
بالتقوى التي يحصل عليها العبد من الصيام، والقيام ،وقراءة القرآن، وغيرها من
العبادات خلال هذا الشهر الكريم.
ولهذا أعد الله سبحانه وتعالى للصائمين من
الجزاء العظيم والخير الكثير الذي لا يكون في غيره من الشهور.
فهنيئا لمن أحسن استقبال الشهر؛ وملأ قلبه بالقدر
الكافي من الإيمان، والروحانيات التي تُعينه على تزكية نفسه وصفائها والذهاب بها
بعيدا عن عالم ملئ بالشهوات وملذات الدنيا؛ إلى آخر يكسوه ثوب الزهد والورع
والارتقاء.
وها قد أشرف الضيف على الارتحال. فما أسرع أيامه
وانقضاء لياليه. فبالأمس القريب كنا نقول مرحبا رمضان، واليوم نهتف مهلا رمضان.
فلا زالت القلوب تهفوا وتتسارع وتكاد تسبق الزمن
حتى تروي ظمأها وتزيل الصدأ الذي يعلوها.
فعلينا أن نُحسن اغتنام هذه الليالي المباركة ولا
نقول أن الفرصة قد انتهت؛ فإذا كان جُلّ رمضان قد ذهب فما بقي من رمضان هو الذهب!
نعم إنها أفضل الليالي وأشرفها. فلقد فضلها
المولى _عز وجل_ وجعل فيها ليلة خير من ألف شهر من حُرم خيرها فقد حُرم الخير
الكثير.
ولنا في رسول الله ﷺ أسوة حسنة؛ كان يجتهد في
العشر الاوآخر مالا يجتهد في غيرها؛
عن عائشة رضي الله عنها قالت (كانَ رَسولُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَجْتَهِدُ في العَشْرِ الأوَاخِرِ، ما لا يَجْتَهِدُ
في غيرِهِ) رواه مسلم.
ومن اجتهاده صلوات ربي وسلامه عليه يقول سيدنا
عبدالله بن عباس_ رضي الله عنه _
( كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه
وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجوَدُ ما يَكونُ في رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ
جِبْرِيلُ، وكانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن رَمَضَانَ،
فيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ يَلْقَاهُ
جِبْرِيلُ أجْوَدُ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ) رواه البخاري.
فلابد أن يكون هذا حالُنا من الجود، والكرم،
والصيام، والقيام، وقراءة القرآن ولو كانت آخر ليلة. حتى يكون آخر عهدنا به مسك
الختام.
فلا
ندري هل ندرك رمضان آخر أم لا؟
وأن يكون شهر رمضان بداية الإقبال على الله عز
وجلّ، والامتثال لأوامره سبحانه واجتناب نواهيه؛ فربّ رمضان هو ربّ باقي الشهور.
وفي الختام أدعوا الله سبحانه وتعالى أن يبلغني
وإياكم ليلة القدر وأن يجعلنا من عتقائه من النار في هذا الشهر اللهم آمين.

تعليقات
إرسال تعليق