شمّروا فإن الضيف يرحل

 




بقلم الواعظة /نوره موسى

منطقة وعظ كفرالشيخ

ها نحن نصوم شهر رمضان المبارك ،فما أسرع مرور الأيام وانقضائها، فإن الضيف أوشك على الرحيل فلابد لنا أن نُحسن ما بقي منه أحسن استغلال ،ونشمر عن ساعد الجِد، فكم من أُناس تمنوا أن يدركوا رمضان ولكن الأجل سبقهم ،وكم من أُناس أدراكوا رمضان وفرطوا في حق أنفسهم فلم يُحسنوا استقباله واستغلاله في الطاعات وفعل الخيرات ، وهنا لابد لكل واحد منا من وقفة صادقة مع نفسه فما أعظمها من نعمة أن بلغنا المولى جلّ وعلا شهر رمضان المبارك،فلنُحسن الصيام والقيام و نُكثرمن قراءة القرآن والذكر والدعاء والصدقات، فإنَّ هذه من أفضل الأعمال في شهر رمضان ،فليس الصيام هو الامتناع عن الطعام والشراب فقط،وإنما هو صلة بين العبد وربه يحقق فيها مُنتهى العبودية لله جلّ وعلا، فلا أحد يطلع على نواياه وتصرفاته إلا المولى جل وعلا،لذا جعل أجر الصوم وثوابه لا يعلمه إلا هو لِما للصوم من مكانة خاصّة عند المولى جلّ وعلا ،فعن أَبَي هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « قَالَ اللَّهُ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَامَ ، فَإِنَّهُ لِى ، وَأَنَا أَجْزِى بِهِ . وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ ، أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ . وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ ، وَإِذَا لَقِىَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ ») [أخرجه البخاري ومسلم] . ومواقف الناس في صيام شهر رمضان قد بينها الإمام الغزالي عندما اعتبر أنَّ الناس في صوم شهر رمضان على ثلاث درجات: صوم العامة، وصوم الخاصة، وصوم خاصة الخاصة. أما صيام الصنف الأول -وهو صوم العامة– فهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة فحسب، وليس وراء ذلك شيء. وقد أخبرنا صلى الله عليه وسلم عن هذا الصنف من الناس بقوله: (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ ».) رواه الإمام أحمد وابن ماجه، وأما صوم الخاصة فهو كف الجوارح عن الآثام، كغض البصر عما حرم الله، وحفظ اللسان عن الكذب والغيبة والنميمة، وكف السمع عن الإصغاء إلى الحرام، وكف باقي الجوارح عن ارتكاب الآثام، وهذا الصنف ينطبق عليه قوله صلى الله عليه وسلم: (وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ ، أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ .) متفق عليه. أما صوم خاصة الخاصة، فهو صوم القلب عن الأفعال الدنيئة، والأفكار الدنيوية، وكفه عما سوى الله سبحانه بالكلية، وقد وصف الغزالي صاحب هذه الرتبة بأنه مقبل بكامل الهمة على الله، منصرف عما سواه، متمثلاً -في كل ذلك- قوله تعالى: { قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ } (الأنعام:91)، وهذه رتبة الأنبياء والصديقين والمقربين من عباده المخلَصين. نسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بالأسماء تعرف على أوئل الشهادة الإبتدائية والإعدادية الأزهرية بالغربية

نموذج محاكاة الحياة النيابية والتشريعية فاعلية تثقيفية لطلاب أمانة وجه بحري بجامعة الأزهر

الغربية الأزهرية تشارك في فعاليات معرض الكتاب بفريق إنشاد ديني متميز