وقفة قبل الوداع







بقلم الواعظة صباح محمد هاشم

منطقة وعظ سوهاج

وها هي الأيام تنقضي سريعًا ، والشهر يلملم أيامه إستعدادًا للرحيل ، ومن بين الصائمين من يعتصر قلبه ألمًا ، وتدمع عينه حزنًا ؛ لما فاته من الخير الكثير في هذا الشهر الذي لم يحسن استغلاله حيث كان يرى الصائمين ما بين صائم وقائم وذاكر وقارئ للقرآن ومتصدق وقاضٍ للحاجات ومقيلٍ للعثرات ومعين في النكبات ، وهو قد خرج من هذا الشهر لم يحمل معه عتقًا من النيران ، ولا مغفرةً للذنوب ؛ فهذا حالنا ونحن نودع الشهر ؛ منا المقبولين: من حظهم فيه القبول والغفران ، ومنا المحرومون من حظهم فيه الخيبة والخسران، وهذا سيدنا علي رضي الله عنه كان ينادي في آخر ليلة في رمضان فيقول: (يا ليت شعري من المقبول فنهنيه ومن المحروم فنعزيه).

وحق على كل منا أن يحزن لوداعه وكيف لا يحزن المؤمن وفيه تفتح أبواب الجنان، وكيف لا يحزن المذنب على ذهابه وفيه تغلق أبواب النيران وتسلسل فيه الشياطين؛ ولنقف مع أنفسنا وقفه قبل وداعه وتذكر أيها الصائم وأنت تودع شهرك كيف تمر الأيام، وكيف تنقضي الأعوام؛ فإن في سرعة مروره عبرةً فكما ودعنا رمضان سنودِّع الدنيا كلها؛ فماذا قدمنا لأنفسنا؟! هل حقا مستعدون لوداع الدنيا؟

دخل رجل على أبي ذر عليه فقال يا أبا ذر أين متاعكم فقال إن لنا بيتا نوجه إليه صالح متعنا، قال: إنه لابد لك من متاع ما دمت ها هنا، قال: إن صاحب المنزل لا يدعنا فيه قال تعالى: (يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ). (غافر - 39)

رحم الله أبا ذر حيث فهم هذا المعنى واستقر في نفسه.

أيها الصائم اجعل من شهر رمضان بداية انطلاق إلى طاعة الله عز وجل ولا تكن ممن تتوقف عبادته عند هذا الشهر وتنقطع علاقته بربه فكما استطعت الصيام في هذا الشهر تستطيع أن تصوم في غيره، وكما اعتدت على القيام اجعل لنفسك صلاة بالليل، وكما اعتدت على قراءة القرآن في شهر رمضان ألزم نفسك بذلك في غير رمضان وأري الله من نفسك خيرًا لعل الله عز وجل أن يتقبل منا رمضان ويغفر لنا ما مضى ويعيننا على ما بقي.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بالأسماء تعرف على أوئل الشهادة الإبتدائية والإعدادية الأزهرية بالغربية

نموذج محاكاة الحياة النيابية والتشريعية فاعلية تثقيفية لطلاب أمانة وجه بحري بجامعة الأزهر

الغربية الأزهرية تشارك في فعاليات معرض الكتاب بفريق إنشاد ديني متميز