محنة تحمل لنا منحة









الواعظة شيماء السيد السيد.

منطقة وعظ القليوبية


إنها السنة الثالثة التي يحتفل بها العالم بأسره بالأخوة الإنسانية كدستور دولي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع، وذلك في يوم 4 فبراير "اليوم الدولي للأخوة الإنسانية"، ضمن مبادرة قدمتها كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية ومملكة البحرين، على خلفية اللقاء الذي عُقد بين فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية بتاريخ 4 فبراير 2019 في أبوظبي، والذي أسفر عن التوقيع على "وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك".


الوثيقة التي أكدت على المساهمات القيمة للشعوب من جميع الأديان والمعتقدات الإنسانية، وعلى دور التعليم في تعزيز التسامح والقضاء على التمييز القائم على أساس الدين أو المعتقد، وذلك من خلال تعاملاتنا و أفكارنا ومواقفنا تجاه بعضنا البعض.

جاء هذا الإحتفال تزامنا مع عملية إنقاذ ريان، البالغ من العمر 5 سنوات، والعالق في منتصف بئر عمقها 60 مترا ولا يتجاوز قطرها 30 سم، في ضواحي مدينة شفشاون، بشمال المغرب، التي شهدها العالم أجمع. وشهدت الواقعة تعاطفا كبيرا من جميع أنحاء العالم، حيث تم نشر صور الطفل على مواقع التواصل الاجتماعي وأرفق بها تدوينات بلغات مختلفة حيث ترقب الملايين في المغرب والعالم العربي نهاية سعيدة لمحنة الطفل الذي جلبت قصته تعاطفا دوليا واسعا، لكن شاءت الأقدار أن يلفظ أنفاسه الأخيرة وحيدا قبل وقت قليل من وصول فرق الإنقاذ إليه. الأمر الذي أفجع الأمة حزنا على فراقه، داعيين المولى- عز وجل - أن يصبر أهله وأن ينزل عليهم السكينة وأن يجعله ذخرا لهم، كما نعرب عن تقديرنا لجهود السلطات الدؤوبة خلال عملية إخراج ريان من البئر.






إن الإنسانية من المصطلحات الجامعة لكل المعاني والمشاعر السامية التي تكرس الرحمة في قلوب البشر تجاه بعضهم، وتحثُّ الإنسان أيا كان لونه ودينه وجنسه على الشعور والتعاطف مع أخيه الإنسان في أي بقعة من بقاع الأرض. تأتي الأخوة الإنسانية لتنتصر للبؤساء والمظلومين في كل مكان في هذا العالم.. فحينما ننادي بها فهذا يعني أن نقف متكاتفين ضد كل ما يتنافى مع الإنسانية كمبدأ، والأخوة الإنسانية تعني أن يحترم الإنسان حق أخيه الإنسان في العيش بكرامة وحرية وأمان، بعيدا عن التطرف والإرهاب والتجويع والتشريد. وأن يحظى بمواطنة كاملة وعدالة شاملة؛ هذا المعنى الذي تجسد في أثناء عملية إنقاذ ريان، والذي ذكرته وثيقة الأخوة الإنسانية :(لتكن وثيقتُنا شِهادةً لعَظَمةِ الإيمانِ باللهِ الذي يُوحِّدُ القُلوبَ المُتفرِّقةَ ويَسمُو بالإنسانِ؛ لتكن رمزًا للعِناقِ بين الشَّرْقِ والغَرْبِ، والشمالِ والجنوبِ، وبين كُلِّ مَن يُؤمِنُ بأنَّ الله خَلَقَنا لنَتعارَفَ ونَتعاوَنَ ونَتَعايَشَ كإخوةٍ مُتَحابِّين. هذا ما نَأمُلُه ونسعى إلى تحقيقِه؛ بُغيةَ الوُصولِ إلى سلامٍ عالميٍّ يَنعمُ به الجميعُ في هذه الحياةِ.)






وأخيرا: أقول لكم إن هذه المحنة حملت في طياتها منحة، وكأن حادث ريان جاء لتجسيد الأخوة الإنسانية في أسمى معانيها وعمل على إحياء الضمير العربي. ومن هنا أدعوا جميع الناس أن يتمسكوا بانسانيتهم، وأن يظلوا متحدين من أجل نصرة الضعفاء ومن هم مثل ريان، وأن نسعى لنشر ثقافة التسامح والعيش بسلام في كل مكان.










تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بالأسماء تعرف على أوئل الشهادة الإبتدائية والإعدادية الأزهرية بالغربية

نموذج محاكاة الحياة النيابية والتشريعية فاعلية تثقيفية لطلاب أمانة وجه بحري بجامعة الأزهر

الغربية الأزهرية تشارك في فعاليات معرض الكتاب بفريق إنشاد ديني متميز