وقفات مع هجرة الحبيب المصطفى

إن لكل أمة من الأمم أيام يعظمونها لكونها وقعت فيها حوادث عظيمة أنعم الله بها عليهم ظلت خالدة في ذاكرتها تحتفي بها كلما مرت عليها من عام لآخر يقول تعالى: ﴿وذَكِّرْهم بِأيّامِ اللَّهِ﴾ [إبراهيم: 5]

ومن الأحداث العظيمة التي مرت بأمة الإسلام ذكرى هجرة نبينا ﷺ من مكة إلى المدينة وما واجهه فيها من صعوبات وتحديات، أراد النبي ﷺ أن يربي ويعلم أمته من خلالها الكثير من الدروس والعبر التي متى أخذوها بقوة وطبقوها في حياتهم العملية أسهم في تقدمهم في شتى مناحي حياتهم والتي على رأسها وفي مقدمتها: محبة الأوطان والتعلق بها والحرص عليها حيث خلد ذلك بمقولته الشهيرة ﷺ وَهُوَ وَاقِفٌ بِالْحَزْوَرَةِ فِي سُوقِ مَكَّةَ: وَاَللَّهِ إنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إلَى اللَّهِ، وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

كذلك حسن التخطيط والأخذ بالأسباب مع حسن الثقة بالله وتمام التوكل على الله، وتخيره ﷺ للصحبة الصالحة والرفقة الأمينة؛ التي تحفظ السر وتصون العهد وتعين على الخير فكان أبو بكر نعم الرفيق لخير البشر كلهم فأنعم بها من صحبة.

كذلك أن مجتمع المسلمين مجتمع منفتح على الجميع يحرص على تخير الكفاءات وأهل الخبرات الذين يمكن الاستفادة منهم في شتى المجالات، كما اختار النبي ﷺ عبد الله بن أرَيْقط دليلًا له في الطريق ولم يكن مسلمًا.

كما تأتي ذكرى الهجرة لتوثق علاقتنا بالله وتقوي أواصر الوحدة بين المسلمين جميعا من خلال الموآخاة والتكافل المجتمعي، وتحيي فينا قيمة الوفاء بالعهود وحسن الجوار مع غير المسلمين من خلال وثيقة المدينة.

كما أن ذكرى الهجرة المباركة تذكرنا على الدوام أن المرأة جزء لا يتحزأ من المجتمع ولها دور محوري في الحياة لا يمكن الاستغناء عنه بأي حال من الأحوال يجب أن يحترم ويقدر، فما كان ينسى أبدا موقف السيدة عائشة وأسماء ابنتا أبي بكر الصديق وحرصهما على نجاح مهمة الهجرة في سرية تامة.

إن الدروس والعبر من هذه الذكرى العظيمة كثيرة فنسأل الله أن يرزقنا العمل بها والتأسى بحبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم وأن يحفظ علينا أوطاننا وأن يديم علينا وحدتنا والأمن والأمان والاستقرار.

الواعظة/ أماني سعد صلاح

واعظة مجمع البحوث الإسلامية

منطقة وعظ دمياط