هان الحرام من أجل المال

بقلم الواعظة/ شيماء السيد السيد أحمد.

منطقة وعظ القليوبية.

دخلت وإذا هي جالسة في إحدى لجان الفتوى التابعة للأزهر الشريف، وإذ بي أسمعها تقول بملء صوتها أمام زوجها والمشايخ : يا ليته خانني، فالخيانة أهون علي من زواجه بامرأة أخرى. وقعت جملتها كصدمة على رؤوس الجميع، فسألتها للتأكد من مقصدها، فأكدت لي مقصدها بشرح السبب؛ وهو أنها لا تريد أن يشاركها أحد في مال زوجها ولا في مصاريف البيت، ولا أن تأتي زوجة أخرى لتطالب بحقها الشرعي مثلها. يا لصدمتنا؛ أهكذا هان رابط الزواج عليها من أجل المال؟ أم أصبحت الخيانة المحرمة شرعًا سهلة على النفس مقابل المال.

 هذه القضية ما هي إلا صورة متكررة للمشكلات الأسرية في عصرنا الحالي و تطبيق عملي للجهل بأهمية الزواج وقدسيته، ولماذا أسماه الله بالميثاق الغليظ؟

لقد شرع الله لنا الزواج من أجل السكن والمودة والرحمة، ولقد أسماه الله بالميثاق الغليظ في القرآن الكريم ثلاث مرات؛ منها قوله تعالى: «وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا» (النساء : 20-21). والميثاق الغليظ هو العهد الذي أُخِذ للزوجة على زوجها عند عقد النكاح، وما يتضمنه من حق الصحبة والمعاشرة بالمعروف، والميثاق الغليظ يقتضي حسن المعاشرة بين الزوجين، والصدق، والتضحية، والبذل، والوفاء والحب، والتفاهم. ووصف الله الزواج بالميثاق الغليظ لقوته وأهميته العظمى في بناء الأسرة، وفى ذلك إشارة إلى قوة ومتانة عقد الزواج، ولكي ينبّه الزوجين على أن هذا العقد مستمر ومقاوم للأزمات الأسرية.

إن السبب فى كل هذه المشاكل هو البعد عن تعاليم الإسلام الصحيحة، كما أن عدم استحضار أهمية هذا الميثاق الغليظ هو من أهم أسباب فشل العلاقة الأسرية، وضياع الأولاد، وازدياد معدل الطلاق خصوصًا في السنة الأولى للزواج ؛ ولماذا العجب؟ فما بُنِيَ على خطأ لن يكون صحيحًا أبدًا. إن الزواج مسؤولية كبيرة وميثاق غليظ كبناء منزل للعيش فيه ؛ إن لم تحسن الاختيار فبالتالي سيهدم على عاتقك ولا مجال للندم حينئذٍ.

ليعلم المقبلون على الزواج أنه ليس خاليًا من المشاكل والأزمات، ولذا عليهم اختيار الشريك المناسب الذي يعينهم على الظروف والابتلاءات، فكلما قوي الأساس كلما قوي البناء. وعليهم أن يعلموا أنه ليس بالضرورة التوافق بين الزوجين يعني التماثل التام فى كل الصفات بينهما، وأنه لا يوجد أية سلبيات إطلاقًا، بل يعني أن يتحمل كلا الطرفين سلبيات الأخر وهفواته وأن يصبر ويتسامح كلٌ منهما مع الآخر لكى يتحقق هدف الميثاق الغليظ وهو السكن والمودة والرحمة.